السراد

في السَرَّاد، للحكاية بقية. تصفح أجمل القصص العربية والروايات المشوقة. منصة أدبية متميزة تجمع بين أصالة اللغة وروعة الخيال. تابع أحدث الإبداعات.

جديد الموقع

Post Top Ad

Your Ad Spot

الخميس، 4 ديسمبر 2025

أسرار الكتابة: ما لم أتوقعه في رحلة السرد

 أسرار الكتابة: ما لم أتوقعه في رحلة السرد

هوامش السرد




أسرار الكتابة: ما لم أتوقعه في رحلة السرد


منذ أن بدأت أكتب، اكتشفت أن السطر الذي يبدو عابِرًا على الورق قد يكون بابًا لصّدَى داخلي طويل. في الكتابة لم أعد مجرد منقّل كلمات، بل أصبح القلم نافذة — أطلّ منها على أعماق نفسي، لأعيد قراءة العالم بعينين جديدتين.


 الكتابة مرآة الذات


لم يكن القلم أداة فقط للبوح، بل مرآة صادقة — أجبرتني على مواجهة مخاوفي وشكوكي بلا تمويه، بلا رغبة في التجميل. في كثير من الأحيان أجدني أتلبّس شخصية ثانوية، أو تمنحني جملة هامشية صوتًا — وأدرك كم أن حياتي الواقعية قد تختبئ وراء الكلمات، في انتظار من يمنحها ضوءًا.


 الخيال: ليس هروبًا بل بناء


لم أبدأ الكتابة كمهرب من الواقع، بل كبحث: بحث عن معنى، عن مساحة للخيال تنسج واقعًا داخليًا أكثر عمقًا. كل شخصية أبتكرها، وكل حدث أرسمه، كان محاولة لفهم شيء في نفسي أو في العالم — ربما ما لم أجده في الحياة اليومية. بهذه الطريقة، لم تعد الكتابة الترف وقت الفراغ؛ صارت طريقة لإعادة تشكيل رؤيتي إلى الناس، الأشياء، الزمان والمكان.


 الإصغاء للآخر: فمن القلم إلى القارئ


داخل النص، تسقط الأحكام المسبقة؛ ويحلّ التعاطف — أتعلم كيف أسمع صوت الآخر، حتى لو كان مختلفًا تمامًا عني. وهنا تكمن قوة السرد: ليس فقط في التعبير عن ذاتي، بل في بناء جسر إلى قارئي. في موقعى «السَرَّاد» مثلاً، حين نشرت قصة «الدمية الأخيرة» (سلسلة الفانتازيا النفسية)، رأيت كيف اختلفت القراءات وردود الأفعال — بعض القرّاء رأوا في النهاية رمزًا للوحدة، بينما آخرون وجدوا فيها فرصة للتأمل في الذات. هذا التنوع في المقروئية والقراءة هو ما يجعل النص حيًّا.


 بناء العالم: بين الحبكة والمعنى


كل سرد هو عالم صغير: من تفاصيل الحوار إلى كلمات غير منطوقة، من صمت شخصية إلى قرار حاسم، ينمو الزمن ويأخذ المكان. الكتابة تجعلني مدققًا في بنية الأشياء — ماذا يدفع الشخصية للصمت؟ متى تتكلم؟ ولماذا؟ في هذه التفاصيل تنبثق الحقيقة الإنسانية.


 قوة الجمال: لغة تَغيّر


ليس الجمال رفاهية، بل فعل تغيير. كل عبارة تُصاغ بصدق، كل وصف يلتقط دهشة اللحظة، هو بذرة تنبت في ذهن القارئ، تغير نظرته، وربما تغيّر حياته. أصبح هدفي ليس أن أملأ صفحتي بالسطور، بل أن أوقظ روح قارئ، أن أزرع فيه سؤالًا، أو تعاطفًا، أو تعمقًا في ذاته والعالم.


في «السَرَّاد» اخترت أن أجعل من النص رسالة: ليس فقط سردًا لقصص، بل دعوة إلى التأمل، إلى الخيال، إلى مواجهة الذات والآخر. حتى إن كبرت خبرتي — ما زلت أتعلم كيف أكون إنسانًا أكثر قربًا للحقيقة، وأكثر جرأة في التعبير.



لماذا أكتب — ولماذا قد تكتب أنت؟

لأن الكتابة تمنحني مساحة لطرح سؤال كانت الحياة تضيق عنده. لأنها تجعل من الصمت حكاية، ومن الألم نورًا. لأنها — ببساطة — تمنحني إنسانيتي.


إذا كنت قارئًا لـ «السَرَّاد»، فاعلم أن وراء كل قصة نبضة إنسان، وكل رواية حلم. وإذا كنت كاتِبًا، فاعتبر القلم رفيقًا صادقًا في رحلة قد تبدو مظلمة، لكنها تحمل وهجًا لا ينطفئ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

Your Ad Spot