السراد

في السَرَّاد، للحكاية بقية. تصفح أجمل القصص العربية والروايات المشوقة. منصة أدبية متميزة تجمع بين أصالة اللغة وروعة الخيال. تابع أحدث الإبداعات.

جديد الموقع

Post Top Ad

Your Ad Spot

الأحد، 23 نوفمبر 2025

مرثيّة قلب عاشق

مرثيّة قلب عاشق

مقدمة: 

في تبويب القصص القصيرة على السراد الأدبي تُفتح الصفحات كأنها نوافذ تطلّ على نبض العالم الداخلي، حيث الكلمات لا تُروى بل تُعاش. هنا تبدأ “مرثيّة قلب عاشق”، قصة تتقدّم بخطى خفيفة نحو منطقة تهتزّ فيها الروح كلما حاولت فهم نفسها. حكاية تنحت العاطفة في صورة مختلفة، تكشف كيف يمكن لنظرةٍ واحدة أن تُربك هندسة القلب، وكيف يتحوّل الانتظار إلى درسٍ خفيّ يعيد تشكيل الإنسان من الداخل. في هذا الفضاء الأدبي تتلاقى اللغة مع التجربة، ويصبح السرد طريقاً لاكتشاف ما نخشاه وما نريده وما نظن أننا نعرفه عن الحب… بينما الحقيقة تنام في مكان آخر تماماً.



المرثيّة:

لم تكن تعرف متى خيضت المعركة الأولى داخل صدرها، لكنّها تذكُر الشرارة: تلك اللحظة التي خُيِّل إليها أنّ البوّابة الحديدية تنظر إليها. أو ربما إلى قلبها مباشرة. كانت واقفةً هناك، جامدة كأنها شاهد قبر، لكن صوت المفتاح حين لامسها بدا مثل صفعة على وجه السكون… صفعة أيقظتها من نومٍ طويل.


منذ تلك اللحظة صار قلبها يُصلّي في الخفاء.


كان هو-ابن البوّاب-يمرّ كل صباح كأنه مجرّد ظلّ يجرّ خلفه صوتاً معدنياً، لكن الصوت كان يدخلها كمعزوفة. كأن أحدهم يعزف عليها لا أمامها. كانت تشعر أنّه لا يحمل مفتاحاً، بل يحمل قُدْراً يدور فوق نارٍ خفيّة تسكب صوتَها في عروقها.


لم يكن يراها، لكنها كانت ترى نفسها فيه؛ ترى هشاشتها، تلهّفها، ارتباك روحها التي تتعلّم الوقوف على قدمين من الضوء.


كانت تُعَلّق عينيها به كما تُعلّق روحٌ مهجورة وصيتها على أول عابر يقترب. وتخشى أن يُفتضح الأمر. تخشى من أهلها، من البيوت التي تملك أنوفاً مدرّبة على شمّ الفضائح. من تلك النظرات التي تجرّد الشعور من قدسيته، وتحوله إلى تهمة:

"كيف يجرؤ قلبُ بنتٍ من أهل العمارة على الاضطراب من أجل ابن البوّاب؟"


كانت تتكئ على نافذتها كل مساء كمن يتكئ على قُفْرة داخله. تراقب ظلّه على الحائط، تراقصه، تحدّثه بعينين تصيران لغتين، وتكتب له رسائل تُخبّئها تحت الوسادة كأنها تدفن أسراراً تخاف أن تنهض ليلاً وتبكي بجانبها.


وكانت تموت كل ليلة موتاً صغيراً، وتبعث كل صباح بعنادٍ لا تعرف مصدره.


لم يكن يلتفت. وتساءلت كثيرًا أهو خوفٌ أم حكمة؟ أم أنّه يعرف أن الحب في مثل هذه البيوت ليس شعوراً، بل قنبلة موقوتة؟ وأنّ القلب هنا إذا أخطأ في دقّة واحدة صار مذنباً حتى إشعارٍ آخر؟


كانت تقول لنفسها:

"لستُ عاشقة… أنا طيفٌ يبحث عن جسده."



💔💔💔


ثم جاءت الليلة التي لم يتفق عليها القدر مع أحد.


لم يظهر. سقط صوته من اليوم كما تسقط صفحة من كتابٍ لم ينتبه أحد أنّها ضرورية.


ظلّت قرب نافذتها كمن ينتظر عودة صوتٍ كان يوقّع على حياته كل يوم. الليل كان ثقيلاً، ساكناً، كأن العمارة حبست أنفاسها. ولسببٍ لم تفهمه، شعرت فجأة أنّ الغياب ليس شيئاً خارجيّاً… بل شيء يتحرك داخلها.


كأن صمته أطفأ فانوساً واحداً، وأضاء مئة.


بدأت ترى ما هو أعمق من وجهه:

رأت خواءها، ورغبتها التي لم تكن حبّاً بقدر ما كانت محاولة للنجاة من صمتها الداخلي. رأت خوفها الذي صاغ حكاية كاملة من أجل أن تتوقف عن مواجهة الفراغ.

رأت قلبها لا كقلبٍ محب… بل ككائن كان يطلب الإنصات منذ زمن بعيد.


أغلقت النافذة. ببطء. كأنها تغلق باب معبد.


لم تبكِ. لم تنهَر. لم تُحْزَن.

بل سمعت شيئاً جديداً في داخلها… صوتاً يشبه تمزيق جلد قديم تخلّصت منه أخيراً.


وفي أسفل العمارة، كانت البوّابة صامتة.

صامتة بطريقة تمنح الصمت معنى آخر… كأنها تعرف ما حدث ولم يحدث. كأنها تحفظ سراً لا يخصّهما وحدهما، بل يخصّ كل قلبٍ أحبّ دون أن يفهم ما الذي أراده حقاً.


ولسببٍ غير مفهوم، شعرت أنّ المرثيّة التي كانت تبكيها لم تكن مرثيّة حب… بل مرثية قلبٍ عاش طويلاً في الظلّ، ثم تجرّأ أخيراً أن يرى نفسه.


استكشف المزيد بعد “مرثيّة قلب عاشق”

القصص القصيرة – أفضل وجهتك لعالم السرد المعاصر

في تبويب القصص القصيرة على السراد الأدبي، ستجد مجموعة مختارة من الأعمال الإبداعية المصممة لجذب القارئ وإثراء تجربته.
نقدّم لك قصصاً حديثة، مشوّقة، مشحونة بالمعنى، تُرضي شغف عشاق الأدب وتناسب الباحثين عن محتوى متميز، عميق، وسهل القراءة في آن واحد.

إذا كنت تبحث عن قصص عربية قصيرة، قصص نفسية، قصص حب، قصص اجتماعية أو نصوص تُقدَّم بأسلوب أدبي راقٍ، فهذا القسم هو وجهتك المثالية.

جمال عسكر – صوت أدبي يترك أثراً

أعمال جمال عسكر من أكثر النصوص قراءة على السراد الأدبي.
أسلوبه يجمع بين قوة الفكرة وسلاسة اللغة، ويجعل القارئ يعود مراراً لقراءة النص لفهم طبقاته العاطفية والنفسية.
إذا أعجبتك قصة “مرثية قلب عاشق”، فلا تُفوّت قراءة المزيد من قصصه ذات الإحساس العميق والتحليل الإنساني.

لماذا تزور السراد الأدبي؟

  • محتوى أصلي حصري مكتوب بأعلى جودة لغوية.
  • قصص قصيرة تناسب القراءة السريعة والعميقة معاً.
  • تبويب منسّق وسهل التصفح لمحبي الأدب العربي.
  • تحديثات مستمرة لضمان أفضل تجربة للزوار.
  • منصة مثالية للباحثين عن قصص قصيرة عربية رائجة ومحتوى أدبي عالي الجودة.

ابدأ رحلتك الآن

اكتشف المزيد من القصص التي ستضيف إلى يومك معنى ونكهة مختلفة.
اضغط لزيارة تبويب القصص القصيرة، واترك القراءة تقودك إلى عوالم جديدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

Your Ad Spot