السراد

في السَرَّاد، للحكاية بقية. تصفح أجمل القصص العربية والروايات المشوقة. منصة أدبية متميزة تجمع بين أصالة اللغة وروعة الخيال. تابع أحدث الإبداعات.

جديد الموقع

Post Top Ad

Your Ad Spot

الجمعة، 31 أكتوبر 2025

لا أقرأ النصوص... أجالسها.حوار أدبي مع قصة "المرأة التي كانت تنتظر الحافلة" لمحمد زفزاف

 حوار مع نص:المرأة التي كانت تنتظر الحافلة


في زاوية هادئة من "السراد" "هوامش السرد" ، نبدأ اليوم سلسلة "حوار مع نص" — مساحة نقترب فيها من الكلمة لا كناقدٍ يفكك، بل كصديقٍ يسأل. هنا، لا نبحث عن "المعنى الصحيح"، بل عن الهمس الخفي بين السطور، عن الجملة التي تُمسك بيدك فجأة، فتُشعرك أن الكاتب كان يكتب لك وحدك.


نختار اليوم قصة قصيرة من أجمل ما كتب محمد زفزاف، أحد أبرز أصوات القصة القصيرة في المغرب والعالم العربي: "المرأة التي كانت تنتظر الحافلة".


لماذا هذه القصة؟ لأنها لا تُروى... تُعاش.

لأنها لا تشرح الانتظار، بل تصيره جسدًا.


كما قلتُ من قبل:

"هنا، أختار فقرة، مشهدًا، جملةً عابرة — من رواية، قصة، قصيدة، أو حتى مذكرات — وأطرح عليها أسئلة بسيطة: لماذا قُلتِ هذا؟ ما الذي أخفيته بين السطور؟ هل كنتِ صادقة حين كتبتِ؟"


هذا ليس نقدًا... بل حديثٌ هامس بين قارئ ونص لا ينام.


تعالَ، اجلس معي... فالحافلة قد لا تأتي، لكن الكلمة — أحيانًا — تكفي. 



محمد زفزاف (1945–2020)

محمد زفزاف (1945–2020) يُظهر ذوقًا أدبيًّا دقيقًا. فهو من أبرز أصوات القصة القصيرة في المغرب والعالم العربي، بلغةٍ شعرية رقيقة، وعينٍ ترى الجمال في التفاصيل الصغيرة، وقلبٍ يسكنه الهمّ الإنساني دون ضجيج.


زفزاف لم يكن "مشهورًا" بالمعنى الإعلامي، لكنه مُحبوبٌ بين القرّاء الحقيقيين — أولئك الذين يبحثون عن نصٍّ يُهمس، لا يصرخ. وهذا تمامًا ما يناسب مدونتك "السراد"، حيث تُفضّل العمق على الصخب، والهمس على الخطابة.


🌿 لماذا محمد زفزاف مناسب لـ"حوار مع نص"؟


- قصصه قصيرة جدًّا أحيانًا (كالومضات)، لكنها تحمل عالمًا كاملًا.

- يكتب عن الريف المغربي ،  المرأة ،  الطفولة ،  الوحدة ،  الموت الهادئ ... بأسلوب يشبه النسيم.

- لا يُصدّر أفكارًا جاهزة، بل يترك القارئ   يتساءل ،  يتأمل ،  يُكمل النص بيده .

- جمله بسيطة، لكنها  مشبعة بالصورة والشعور .


📖 اقتراح لنص نبدأ به الحوار:


قصته القصيرة جدًّا:  

"المرأة التي كانت تنتظر الحافلة"


(من مجموعته "المرأة والبحر" أو في بعض الطبعات ضمن "الغجر يمرون من هنا")


هذه القصة لا تتجاوز صفحتين، لكنها تترك أثرًا عميقًا: امرأة تقف يومًا بعد يوم عند محطة حافلة... لا نعرف من تنتظر، ولا لماذا، ولا إن كانت الحافلة ستأتي أصلًا. كل ما نعرفه أنها تنتظر، وأن الانتظار صار جزءًا من جسدها.



 🌙 والآن مع النص:



 يا امرأة... هل كنتِ تنتظرين الحافلة أم نفسك؟  

نص: "المرأة التي كانت تنتظر الحافلة" — محمد زفزاف


 «كانت تقف عند المحطة كل صباح، في نفس المكان، في نفس الساعة. لا تسأل أحدًا. لا تنظر إلى ساعتها. فقط تنتظر.»


هكذا يبدأ زفزاف قصته، كأنه يهمس في أذن القارئ: "تعال، انظر معي إلى هذه المرأة... لا تُفسّر، فقط انظر."


لم يقل لنا من تنتظر.  

لم يقل إن كانت تنتظر إنسانًا، رسالة، فرصة، أو حتى نهاية.  

كل ما فعله: جعلنا نشعر بالانتظار كأنه جسدٌ ثالث بيننا وبينها.


سألتُ النص:  

لماذا لم تُعطِها اسمًا؟  

فأجابني زفزاف بصمته: لأن الانتظار لا يحتاج اسمًا. كلُّنا، يومًا، كنا تلك المرأة.


سألتُه:  

هل الحافلة ستأتي؟  

فابتسم النص وقال: "الحافلة ليست المهم. المهم أنك ما زلت تقف."


زفزاف لا يكتب قصصًا... يكتب مرايا.  

وأنت، أيها القارئ، حين تمرّ على امرأة تقف وحدها عند زاوية، قد تتذكّر هذه الجملة، فتتساءل:  

هل هي تنتظر حافلة... أم تنتظر أن ينتهي العالم من حولها كي تعود إلى نفسها؟



📌 سؤال لك:  

 هل وقفتَ يومًا في محطة انتظار... دون أن تعرف ما الذي تنتظره؟



 ✨ "لا أعطيك النص كاملاً... لأن زفزاف يستحق أن تلتقي به في كتابٍ تمسك به بيديك، لا على شاشة تمرّ عليها عيناك." 



قصص أخرى لزفزاف:  

- "الغجر يمرون من هنا"  

- "المرأة والبحر"  

- "الولد الذي كان يحب المطر"


الى لقاء اخر فى الحوار التالي... في زاويةٍ أخرى من "السراد".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

Your Ad Spot